الجمعة 29 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمي المصري

انت في الصفحة 31 من 75 صفحات

موقع أيام نيوز


اه من زين  
لماذا ظهر في حياتها من الأصل 
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته  
غامرت من أجله هو  
من أجل التقاليد التي طالما حاول تلقينها اياها وكانت أخته على وشك الخروج عنها  
لم يعطها أي فرصة للدفاع عن نفسها وهو يصفها بأشنع التهم كأنها لم تكن كتابا مفتوحا أمامه طيلة الفترة الماضية  

أطاعته فى كل شىء وتخلت عن عنادها من اجله وفي المقابل لم يتوان عن اصدار احكامه القاسېة وتنفيذها لم يتوان فى انتهاك جسدها بتلك الطريقة ولو فكر فى سؤالها مجرد سؤال لأخبرته حتى لو لم يكن لديه أدنى حق فى المعرفة كانت ستفعل  
هل بلغ به تفكيره ان يظن انها بائعة هوى تسلم جسدها لأيا كان  
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو اجمل شىء حدث لها  
ألم يكن بمقدوره ان يكون اكثر رحمة 
الم يكن  
اخبارك ايه دلوقتى 
اخرجتها الطبيبة من افكارها فتمتمت 
احسن الحمد لله 
عقدت الطبيبة ساعديها وقالت في رفق 
لسة بتفكرى فى اللى حصل انا قولتلك لو حبيتى تقدمى بلاغ فى الراجل ده انا مستعدة اشهد معاكى 
اغمضت صوفيا عينيها فى الم 
مبقتش فارقة 
قالت الطبيبة وهي تميل اليها 
بس الراجل ده صعب اوى نفذ اللى عايزه ڠصب عن ابنه ومن وراه كمان 
التهمت اذن صوفيا الكلمات فاعتدلت بسرعة وهى تسألها في لهفة 
انتى قولتى ايه اللى عمل كدة ابو زين مش زين نفسه 
هزت الطبيبة كتفيها قائلة 
معرفش زين مين بس الشاب
اللى كان معاه كان هيصور قتيل ساعتها واضح ان ابوه اتصرف من وراه 
وضعت صوفيا جبينها بين كفيها وفركته فى قوة وهى تتمتم 
يعنى مش زين مش زين 
وعادت لتهمس فى خيبة امل 
طب ليه سابنى ومسألش عني من وقتها 
لم تملك الطبيبة اجابة هذه المرة فأغمضت صوفيا عينيها وهي ترتمي من جديد على وسادتها لتأخذ وضعها القديم مواصلة في رجاء 
من فضلك سيبينى لوحدى 
تركتها الطبيبة بناءا على رغبتها لتحاول أن تعادل افكارها من جديد بعد ما علمته 
هل لا زالت تسخط على زين 
ام انتقل هذا السخط على والده 
هل لم يعد مذنبا من وجهة نظرها 
أغمضت عينيها فى حزن فالان علمت انه من المحال ان تتقبلها هذه العائلة فهل عليها ان تفكر فى عرضه السابق بالابتعاد عنهم من جديد ولكن  
اوقفت افكارها تماما وهى تغطي رأسها بالوسادة لتحاول الهرب من كل شىء لن يمكنها اتخاذ قرار مناسب وهي في هذه الحالة لحظات و شعرت بباب الغرفة يفتح فظنته احدى الممرضات لتهتف فى تأفف 
قلت مش عاوزة  
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان 
الفصل السابع عشر 
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام  
أخذت تتمتم بين دموعها 
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه 
جلست ايلينا فى المقابل وهي تضمها فى قوة تحاول بها التغلب على ارتعادها ونحيبها بينما تمرر اصابعها في شعرها وتقبل رأسها فى حنان حاولت ان ترفع وجهها لتتحدث اليها ولكن الأخرى أبت ذلك وتشبثت بها أكثر  
رضخت ايلينا لرغبتها وأبقتها دقائق في أحضانها تهدهدها كطفل صغير  
أغمضت صوفيا عينيها بقوة قبل أن ترفع رأسها بصعوبة من على صدر صديقتها كأنه قد التصق به  
احتوت ايلينا وجهها بين كفيها مسحت بابهاميها دموعها وهي تمنع نفسها بصعوبة من مشاركتها البكاء صوفيا ليست مجرد صديقة صوفيا أعدتها طفلتها لسنوات طويلة رؤيتها وهي تتمزق قهرا شىء لا تحتمله مطلقا  
صوفيا حبيبة قلبي مالك 
ارتمت صوفيا بين ذراعيها من جديد كأنها تختفي في حنانها من قسۏة العالم وظلمه كأنها تخشى أن يسلبها حضڼ صديقتها وأمانه كما سلبها كل شىء 
ارجوكي ايلينا احضنيني وبس خليني اعيط لحد ما اكتفي ومن غير ما تسأليني ممكن 
أحاطتها ايلينا بذراعيها واخذت تربت على ظهرها لتبكي صوفيا من جديد قهرا على حبها الضائع  
تبكي النبذ الذى ستظل تعانيه عمرها بأكمله تبكي الذنب الذى تحاسب عليه دون أن ترتكبه  
مر يوسف بالحديقة قبل أن يدلف للقصر ليجد علي الصغير جالسا على احدى الطاولات وهو يتحسس بيده كتابا بطريقة برايل ابتسم كعادته حين يرى هذا الصغير الذي يذهله دوما رؤيته تبعث السعادة الى أي نفس مهما حملت من مشاق يكفيها نظرة الى هذا الملاك لتنفض عنها كل ما تختنق به من هموم خلع نظارته الشمسية وسار في اتجاهه ببطء وقف الى جواره للحظات يتبين ان كان سيكتشف وجوده أم لا ولم يخطأ ظنه اذ ابتسم علي وهو يقول في بساطة أهلا يا يوسف 
ضحك يوسف وهو يجذب مقعدا ليجلس امامه يسأله في حيرة 
لا بجد بقا قولي عرفت ازاي أنه أنا من غير ما اتكلم حتى 
هز علي كتفيه وهو يشرح له 
اولا بحس أن فيه حد جاي من صوت خطواته حتى لو هوا حاول يداريها فيه احساس بسيط ودني بتستقبله الخطوات بالنسبالي زي البصمة كل واحد فيكو ليه خطوة معينة وطبعا ريحة كل حد بتأكد البصمة دي 
رفع يوسف حاجبيه في ذهول هذا الطفل يخدعهم بالفعل هو رجل متنكر في زي وصوت طفل كيف لمن في عمر التاسعة أن يتحدث بهذا الأسلوب والمنطق بل أن يقضى جل وقته في قراءة كتب لا يستوعبها عقله هو الراشد  
قاطع علي أفكاره التي يعرفها جيدا ومل من تفكير غيره دوما به هكذا هل ينتظرون من طفل كفيف أن يحيا العمر ساخطا على حرمانه من حاسة حباه الله بعشرة أمامها انه يرسم العالم بذهنه هو بخياله البريء الذي لم يلوث بعد بأحقاد البشر 
قولي يا يوسف عامل ايه مع ايلينا 
ابتسم يوسف حين سمع اسمها منه كل منهما بالفعل يليق أن يكون أخا للاخر 
كويسين بس اضطرينا نرجع عشان تعب صوفيا 
ومال اليه يربت على كفه قائلا 
المهم دلوقتي طمني عليك عامل ايه مش محتاج أي حاجة 
رد علي في امتنان 
الحمد لله أنا بخير طول ما انتو بخير 
واصل يوسف في حنان 
علي انت عارف انا بعزك قد ايه ومش عشان انت أخو ايلينا ولا ابن عمو سمير الله يرحمه لو احتجت أي حاجة في أي وقت اطلبها مني أنا 
مد علي كفه ليربت على كف يوسف وهو يبتسم في ود 
اللي ممكن أطلبه منك انك تخلى بالك من ايلينا ايلينا بالنسبالي كل حاجة اختي وأمي وحبيبتي و  
قاطعه يوسف مازحا 
ايه يا حاج علي أنا كدة هغير 
وأردف في جدية 
ايلينا بقت حته مني يا علي بقت بالنسبالي كل حاجة اطمن 
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة 
ربنا يسعدكو 
وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله  
تمد يدها الى جرس الباب ثم تعود فى منتصف الطريق  
تعبث فى خصلات شعرها الاسود  
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا  
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة  
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها  
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة 
خير يا ايتن اللى جابك هنا 
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم 
هنتكلم على الباب 
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة 
انا عايش لوحدى 
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها لم تعتده حادا هكذا من قبل 
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت 
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب 
اتفضلى 
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون  
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل وهو يعقد ساعديه ويتأملها قائلا 
ايتن قولى اللى عندك بسرعة لو سمحتى عشان ميصحش تفضلى موجودة هنا كتير 
شابكت اصابعها ببعضها البعض وهى تنظر ارضا وتتساءل اين ذهبت خطبتها العصماء التى جهزتها مسبقا 
اين تاهت كلمات الاعتذار 
ربما لانها لم تجد حسام بالاڼهيار الذى توقعته انهياره كان سيسهل من مهمته كثيرا ليفلت منها كلمات التعاطف دون حساب حسام الذي تعرفه ليس بهذه القوة والقسۏة مطلقا قسۏة لم تسمح سوى بكلمة واحدة من بلوغ شفتيها 
اسفة 
دق باصابعه على الكرسى الذى يستند عليه قائلا فى برود 
على ايه 
رفعت رأسها اليه فى بطء 
من فضلك يا حسام بلاش الطريقة دى زعقلى صړخ فيا اشتمنى حتى بس بلاش كدة 
ضحك في صخب وهو يفرك كفيه في تهكم واضح 
اه انتى جاية لحسام القديم بقا او خلينا نقول بشكل ادق حسام اللى انتى بتشوفيه بطريقتك العاشق الولهان فى تراب رجليكى اللى ضيع عمره كله واحلامه وطموحه عشان بس يبقا جنبك حسام الضعيف بحبه ليكى حبه اللى خلاه يتنازل مرة واتنين وعشرة من غير ما يحس انه بدا ييجى على كرامته بزيادة الذنب مش ذنبك انا اللى كنت اعمى 
وفتح ذراعيه ليواصل 
ودلوقتى خلاص اتخلصت من ضعفى هرجع اعمل حياة جديدة غير الحياة اللى لخصتها كلها فيكى 
تمعنت به شابتها دهشة وهي تراقب حسام الجديد الذي لم تصادفه طيلة عمرها بأكمله  
ابتسم بزاوية فمه فى سخرية 
ايه كنتى متوقعه هتيجى تلاقينى مڼهار وحابس نفسى يا حرام وبشرب وبسكر عشان انسى ومش بعيد كمان اكون شانق نفسى مش غرورك كان ممكن يوصلك ده 
واضاف وهو يشير بسبابته الى صدره في جدية 
انا فوقت يا ايتن خلاص فوقت 
تمعنت به اكثر حاصرته بنظراتها تلتهم ملامحه التي تراها لاول مرة بتلك الصلابة وكأن تلك الصورة الهشة التى كان عليها دائما لم تكن له او ان غرورها بالفعل هو ماكان يصور لها هذا تصورت بالفعل انه يعيش حالة اڼهيار وصدمة شعرت بالشفقة عليه لهذا جاءت هل بالفعل تخطاها بهذه السهولة 
تنهد وهو ينظر الى ساعته يخبرها في حسم 
انا اسف جدا عندى شغل ولازم انزل 
حكت جبينها بكفها فى تردد لم يمنعها من سؤالها التالي رغم علمها بمدى وقاحته 
يعنى مش هشوفك تانى 
انا من النهاردة بالنسبالك زى زين
 

30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 75 صفحات