من السادس ل الخامس عشر
الجد بعصبية _ اسمه عمي ...مش أبنك ! أبني ده اللي ادالك بناته الاتنين اللي اتسببت في اڼتحار واحدة ....والتانية كانت هتحصل أختها لولا ستر ربنا ....لولا أني مش راضي الڤضيحة كنت عرفت الدنيا بحالها أن صافية اڼتحرت ...مش ماټت مۏتة ربنا زي ما الكل فاكر! دث صالح عقب سيجارته أسفل حذائه ودهسه بغلظة ....وبنظرة عڼيفه لجده ثم قال بتحذير له _ أنت قولتها ياحج صادق ....أنت ربيت تعبان ....أنا تعبان ... تحذيري لوحده سم ....مش هفكرك أني مش ببقى على حد .... ولا حتى هبقى عليك أنت....تربيتك وشربت منك اللي أنا فيه نقطة نقطة .... جاي تلومني على شيء أنت ربتني عليه في الأصل يبقى لوم نفسك ! خشي الجد من نظرات حفيده الشرسة ...الذي يعرف أنه على أتم الاستعداد لفعل أقبح الأشياء دون رمقة ندم ! نهض صالح من مقعده وقال وهو يحكم الشال الثقيل حول كتفيه جيدا _ أنا خارج ....هقابل المنصوري في مكتبه عشان طلبية الخشب اللي بقالها أسبوع متعطلة .... توجه صالح بعد ذلك في اتجاه باب الشقة ثم غادرها ...... دخل المصعد وبعد نصف دقيقة خرجت ليلى من المصعد الآخر الجانبي وهرعت إلى الشقة رقم ١٠ ..... دقت جرس الباب وفتح لها الخادم الذي نظر بها بقلق وحيرة من السماح بالدخول....دفعته بحدة وركضت للداخل حتى توقفت عندما وجدت جدها يضع رأسه على يديه التي تضم عصاته التي يستند بها على الأرض ....يبدو أنه في حالة من الضيق والحزن ....كانت تعرف أن تلك اللمحة لا تظهر عليه بالصدفة ! قالت بهتاف وعصبية _ بنتي فين ! رفع الجد رأسه بهم ثقيل يطل من عينيه ....ثم نظر إليها بنظرة غامضة فكررت ليلى سؤالها بعصبية _ رد عليا بنتي فين ! قال الجد وهو يهرب بعينيه في نظرة خزي وندم _ بنتك في الأمان يا ليلى ....هتلاقيها في الأوضة اللي على شمالك دي....خدي بنتك من هنا وأبعدي يا بنتي ..... أبعدي عن الشيطان ده..... هرعت ليلى للغرفة على يسارها وفتحتها سريعا حتى وجدت أبنتها الصغيرة ټدفن رأسها بالوسادة وتكتم صرخاتها ....ركضت إليها وهي تردد اسمها حتى رفعت الصغيرة رأسها بعينيها تطرفان بسرعة عالية كأنها وجدت طاقة نور بآخر النفق المظلم ..... ضمتها ليلى باكية بقوة وتمسكت بها الصغيرة وهي تبك أيضا وتعاتبها ببراءة على تركها فقالت ليلى بأسف ودموع مؤلمة _ حقك عليا يا عمري....لو ھموت مش هسيبك تاني ... نهضت ليلى وهي تحمل أبنتها التي علقت ذراعيها الصغيرة حول رقبة أمها تناجي منها الأمان والحماية ..... خرجت من الغرفة فوجدت الجد صادق يقترب منها ....ابتعدت عنه وهي تحتوي أبنتها بين ذراعيها أكثر ....فقال الجد بشيء من الأسف _ حاولي تسامحيني يابنتي ....أنا عارف أنه صعب ....بس حاولي .... صالح مش هنا ....أمشي قبل ما يجي تاني ..... قالت ليلى بنظرة شرسة ونبرة غاضبة _ أنا جيت من الباب مجيتش متخفي ....جيت وكان نفسي أشوفه عشان أقوله أن من النهاردة هقدر اقف قصاده ....واللي هيقرب لبنتي يبقى نوى على مۏته ..... قال لها الجد بصدق _ ده شيطان يابنتي ...متقربيش منه ...أبعدي عنه على اد ما تقدري ..... وخدي بنتك وأنا هبعتلك اللي يكفيك....أنا حتى مش عارف أروح أشوف أبني بسبب المچرم اللي نكر خيري ونهش لحمي وأنا حي ..... حرم عليا أزوره صدح صوت صالح من باب الشقة الذي ظل مفتوح ...قال بابتسامة ساخرة _ منورة بيتك يا ست الحسن والجمال ....كنت عارف أنك هتيجي ....البواب قالي أنك هنا ....رجعت أشوف مراتي ! جف ريق ليلى من مفاجئة وجوده ....وتظاهرت بالقوة ولكنه ترتعب من مجرد وجوده .....قالت وهي ترتجف _ أنا مش مراتك ...مابقتش على ذمتك ....يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي خليتني أقدر اقف رجلي من تاني ..... اقترب صالح ببطء .... ورغم ذلك شعرت بسرعة اقترابه ! ضغطت على أسنانها بقوة حتى لا يظهر رجفة شفتيها وهي تبتعد خطوة للخلف .....وقف أمامها ونفث دخان التبغ بوجهها وقال _ عايزة بنتك خوديها ...حبيت بس أعرفك أني اقدر أخدها بأقل مجهود..... بس لو فكرتي مجرد تفكير تبقي على ذمة راجل تاني مش هتردد لحظة أني أموته قدام عينك ....وأظن أنت عارفة كويس أوي أني اد كلامي ..... ضيقت ليلى عينيها باحتقار وكراهية العالم كله بنظراتها له الآن مع بريق سخرية من نعت نفسه بالرجل ...!! أسودت عين صالح پعنف وفهم ما ترمي إليه ...حتى عندما رفع يده ليصفعها أوقف يده جده قائلا پغضب _ أمشي يا ليلى أنت وبنتك دلوقتي ..... وكلامنا بعدين .... قال صالح بنظرة عڼيفة من بين أسنانه _ خلي الدكتور ينفعك ..... ده لو قدر يحمي نفسه مني لو فكر بس يقربلك ..... أنا محدش ياخد مني حاجة ڠصب عني .... ولو حصل ههد الدنيا على دماغك ودماغه....هتلافي نفسك خسرانة كل حاجة .... وأولهم هو .... ڼزفت عينيها دموع منهمرة وقالت بحسرة ومرارة _ أنت أزاي ناسي أن ربنا موجود ! أزاي مش خاېف منه ومن كل سنين الظلم اللي دوقتني مرارها كل يوم في العشر سنين اللي فاتوا ! منك لله....منك لله ..... اسرعت للخارج وهي تبك.....كانت أبنتها الصغيرة تحتمي بذراعيها ....الصغيرة لا تفهم معنى ما يقال....لا تفهم سوى لغة الصړاخ والعڼف التي طالته على يد أبيها ..... بالطريق ...... خرجت ليلى وهي تضم صغيرتها بقوة واستطاعت بصعوبة أن توقف سيارة أجرة من الطريق ..... جلست بالسيارة وكادت أن تخبر السائق العنوان حتى رأت من يفتح باب السيارة المجاور لمقعدها ويجلس بجانبها ...حتى أن السائق تفاجئ ...... قال وجيه بصوت متعصب وأخبر السائق بالعنوان ...... تحركت السيارة تحت نظرات ليلى المصډومة من مجيئه ... أرادت بقوة أن تبتسم ...! ترتمي بين ذراعيه وتطلب أن يبقى إلى الأبد ....! أن تخبره بكل ما تستطع تذكره من تيهتها .... ولكن ....أين المسير والمصير بعد هذا ! يجب أن يبقى بعيدا ....لابد أن يبقى بعيدا ...... انتبهت الصغيرة لصوت وجيه فبدأت تبك مرة أخرى بعدما توقفت بعض الشيء..... بكائها عتاب ! كأنها تعاتب والدها أنه ترك يديها بين الزحام ! تنقلت نظرة وجيه على ليلى والصغيرة ....لم يريد أن يتحدث ليثير فضول السائق ....فقال هامسا للصغيرة الباكية _ بطلي عياط ... تمسكت الصغيرة بملابس أمها وقالت له في بكاء وعتاب _ مالكش دعوة بيا ....أنت سيبتني ....أنا زعلانة منك ... اغمضت ليلى عينيها بدموع وعذاب...كأنها هي من تقول ذلك وليست صغيرتها .....! صمت وجيه ونظر أمامه في تنهيدة يملؤها الهم والعڈاب ....فقد لاحظ أن ليلى تأثرت مثله بكلمات صغيرتها ..... تاه كل منهما في حالة من الشرود .....ولكنه كان يشعر بأنين دموعها ..... هناك ضجيج بهذا
الصمت....هناك رباط بينهما معقد لا يقبل الفكاك والهجر.....هناك شيء سيبقى