الجمعة 29 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمي المصري

انت في الصفحة 38 من 75 صفحات

موقع أيام نيوز


ايه مش عايز عيال انت ازاي مش فارق معاك كدة 
تلك الحمقاء  
ألا تعرف أنه يحتاج هذا الطفل أكثر منها 
ألا تعرف انه لا يريد ان يسكن ابناءه رحما غير رحمها هي  
ربت على كتفها قائلا 
اهدى بس يا حبيبتى اهدى 
هتفت وهي تنهض في حدة 
طبعا لازم ميكونش فارق معاك ما المشكلة مش من عندك انت لسة عندك الفرصة لكن انا 

وقطعت كلماتها وهي تشهق بالبكاء مجددا فنهض محاولا تمالك اعصابه من اتهامها السخيف 
انا فرصتي الوحيدة معاكي انتي ولو عيالي مش منك مش عايز عيال خالص فهمتي ولا اقول تاني ثانيا احنا لسة صغيرين معجزناش والدكاترة قالو لو العلاج مجبش نتيجة هنلجأ للحقن المجهري وده فرص نجاحه عالية فليه الزعل ما اهو قدامك زين وسمر بقالهم سنتين هما كمان مشوفتش حد فيهم متأثر ولا حاجة 
قطبت حاجبيها في تفكير  
زين هذا لم يكلف خاطره حتى بعرض زوجته على طبيب  
بل تشعر احيانا انه سعيد بهذا الوضع كأنه عقاپ مناسب لنفسه جراء تخليه عن صوفيا  
ثلاث سنوات مرت تقريبا دون حتى ان تراه يبتسم وعلى النقيض كان يوسف معها بكل صبره واحتوائه يرافقها من عيادة طبيب الى اخر متحملا معها فشل كل المحاولات ومايتبعه من نوبات حزن واحباط لها كيف له ان يكون رائعا هكذا 
لقد ظلمته كثيرا وقست عليه ومنعت عنه حبها وحنانها وهى تدور فى فلك واحد تبحث فيه عن رباط قوى يجمعها به ولديها رباط لاسبيل لها الى الفكاك منه ابدا  
تنهدت فى عمق وهى تنظر اليه هامسة في حنان يحمل كثيرا من الاعتذار 
يوسف انا بحبك اوى سامحنى ارجوك 
ابتسم وهو يميل اليها في خبث 
انتى واخدة بالك بتنطقى اسمى ازاى 
اخفضت رأسها فى خجل فقهقه عاليا وهو يجذبها اليه قائلا في عبث 
انتى اللى جبتيه لنفسك 
انتفضت على صوت دقات الباب لتعود من افكارها وجملته السابقة تتكرر 
افتحى يا ايلينا بدل ما اكسر الباب 
مررت يدها فى شعرها في عڼف لاتريد لهذا المشهد ان يتكرر من جديد فرغم انتهائه المرة الماضية بجرعات حنان زائدة تلقتها بسخاء بين ذراعيه الا أن خيبة الامل التى اعترتها وقتها ليست على استعداد لتذوق مرارتها من جديد  
نهضت فى تثاقل لتفتح الباب وحين رآها هتف فى قلق 
تانى يا ايلينا احنا مش قولنا متعمليهوش غير لما اجى 
نظر الى وجهها الذابل فتوقع ان تكون النتيجة ككل مرة ولكنها لحقته بهمسها القلق 
انا مبصتش فيه 
ونظرت تجاهه بسرعة لتتجاوزه جالسة على الفراش فى تهالك  
بالفعل لن يمكنها تكرار التجربة من جديد  
لن يمكنها رؤية نفس النتيجة ككل مرة  
لن يمكنها ان تشعر بعجزها القاټل كل يوم  
لحظات وعاد اليها جلس على طرف الفراش الى جوارها فلم ترفع رأسها اليه  
شعرت به يمسح على شعرها فى حنان وهو يطبع قبلة حانية عليه  
ابتسمت فى سخرية اذن النتيجة كالمعتاد فرد الفعل المشفق المتعاطف كما هو والموقف يتكرر بحذافيره وبذات القبلة المواسية  
حاولت كبح دموعها وعدم اعادة المشهد الدرامى بكل تفاصيله 
يوسف انا بجد تعبت ومش هروح لاى دكتور تانى كلهم بيكدبو عليا عشان ياخدو فلوس وخلاص 
رفع رأسها اليه وقال بابتسامة 
تعبتى ازاى بقا ده احنا لسة فى اول الطريق 
نهضت فى تعب لتواصل 
انا بجد تعبت ومش قادرة اكمل والحرية ليك فى اللى جاى انا مش هلومك فى حاجة لو عايز وازدردت غصة مؤلمة فى حلقها تحاول ان تنطق بالعبارة بصعوبة وبصوت متقطع اخرجتها 
لو عايز تتجوز من حقك 
اشاح بوجهه للحظات قبل ان يتنهد فى عمق ويواجهها من جديد قائلا 
انا فعلا هتجوز 
وقبل ان ترسم اى انفعال على وجهها سارع يخبرها في سعادة بالغة 
عشان انتى هتنشغلى بالبيبى اللى فى بطنك ده وهتنسينى 
اتسع ثغرها فى ذهول فضمھا على الفور وهو يقول بينما يمسد بيده على بطنها 
مبروك يا احلى مامى فى الدنيا 
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وعلامات ذهولها لم تختفى بعد تشبثت بكتفيه لتقاوم عدم احساسها بالأرض تحت قدميها اغمضت عينيها بقوة وفتحتهما لتتأكد أنها ليست قيد أحلامها المستمرة تلعثم صوتها وهي تسأل في حذر 
انت قولت ايه 
واضافت وهى تضع يدها على صدرها تقاوم تنفسها السريع 
انت مش بتهزر يا يوسف صح 
وهتفت وهى تضع كفيها على بطنها في رفق 
انا فعلا حامل 
هز رأسه وهو يلتقط كفيها ويقبلهما فى حنان لمعت عيناه لسعادتها لابتسامتها الحبيبة الى قلبه التي عادت غير مشوبة بحزن او احباط 
ايوة يا حبيبتى مظبوط انتى حامل 
مررت يدها فى شعرها وهى تجىء وتذهب فى عشوائية قائلة فى ارتباك 
لا انا مش مصدقة 
هرعت الى المرحاض من جديد لتبحث عن اختبار الحمل نظرت اليه بحدقتين اتسعتا كأنها ارادت احتوائه بداخلهما لتصدق  
اخذته بين يديها وخرجت اليه من جديد وهى تضحك پبكاء وتبكى بضحك وتصرخ 
انا حامل يا يوسف انا حامل اخيرا هشيل ابنك جوايا 
بدأت بالقفز كالأطفال فهرع اليها ممسكا كتفيها في قلق 
اهدى بس اهدى انتى كنتى حامل يا حبيبتى بس بعد عرض الايروبكس ده الله اعلم 
احتضنته بقوة وهى تردد 
بحبك يا يوسف بحبك بحبك 
انحنى ليحملها برفق وضعها على الفراش فى هدوء وقال متصنعا الجدية 
يلا بقا نستعد للحبتين بتوع الافلام متتحركيش من مكانك خالص واللى انت عايزاه هيجيلك راحة تامة ثم راحة تامة 
وحك جبهته بيده ليضيف 
نسيت حاجة ولا كدة خلاص 
اعتدلت وهي تخبره في حماس 
احنا باليل ان شاء الله نروح لدكتور وهنشوف هيقول ايه ودلوقتى اتفضل اسبقنى على تحت زمانهم مستنينا على الغدا وانا هكلم صوفيا افرحها وارجعلك 
حاول ان يتمالك نفسه من السعادة وهو على مائدة الغداء مع اسرته اخذ يعبث بمحتويات طبقه وينظر الى السلم كل لحظة فى انتظار حضورها ليعلنا للجميع نبأ قرب قدوم الحفيد الاول لعائلة البدرى الذي يتكون الان فى رحمها  
لاحظت سميرة ارتباكه فنظرت الى محمود الذى كان بدوره يتابعه فى دهشة بينما زين على هدوئه المعتاد فى الفترة الاخيرة او بالأدق على حزنه التى كانت سميرة دوما تشعر به منذ ان تزوج سمر ولا تعرف ابدا سبب له فلم ترغمه على الزواج من سمر ولم يرغمه ابوه  
هل لازال يعانى اعراض انسحاب تلك الشقراء من حياته حتى الان 
لم يعد يشاركهم احاديثهم ولا لهوهم كالمعتاد كان يكتفى بابتسمات خاوية حزينة لينسحب بعدها من المكان بأسره الى وحدته التى آثر اللجوء اليها  
اما ابوه فكان يعلم جيدا ما يعيشه ولده  
يعلم ماعاناه على يديه ولم يتوقع ابدا ان يظل قابعا فى حزنه طيلة هذا الوقت  
لم يظن ان مشاعره لصوفيا قد وصلت الى هذا الحد لم يصنفها سوى انها رغبة او نزوة ومع الوقت ربما يستجيب للامر الواقع ويسلم لقدره مع ابنة عمه  
لم يتوقع ان يطول حزنه للدرجة التى تمنى فيها لو دفعه ليتزوج بصوفيا دفعا ان كان فى هذا سعادته ولكنه كان يبتعد ويبتعد حتى انه ترك العمل فى مجموعة البدري ليبدأ مشروعه الخاص  
مصنع صغير أسسه مع صديقه  
لم يستطع ابوه وقتها ان يعترض فلقد اعترض بما يكفى وبذلك اصبح ابناء البدرى كل منهم فى طريق فحسام قد اصبحت له شركته الخاصة التى تحقق نجاحات متتالية وزين بمصنعه الذى ينمو على يديه ويحقق ارباحا لابأس بها ويوسف وحده اصبح من يدير هذا الصرح الكبير رغم محاولاته الدائمة لاعادة زين انتبه الجميع على صوت ايلينا وهى تقول 
السلام عليكم 
رد الجميع تحيتها قبل ان تتخذ مجلسها الى جوار يوسف الذى نظر اليها فى حب فابتسمت له فى حزن لم يعرف له مبرر  
لم يحتمل ان يخفى سعادته اكثر فامسك بشوكة وطرق بها على الطبق قائلا 
يا قوم اسمعونى عند ليكو خبر حلو اوى 
الټفت له الجميع فى اهتمام فواصل بعد ان امسك بكف ايلينا وقبل باطنه 
قريب اوى ان شاء الله هيشرف ولى العهد اول حفيد لعيلة البدرى 
شهقت سميرة وهى تضع يدها على ثغرها في سعادة بينما رفع محمود نظره الى الاعلى وهو يتمتم بالشكر لله والأسرع كان زين الذى اندفع الى شقيقه محتضنا اياه في حنان 
مبروك يا يوسف 
ومال ناحية ايلينا 
الف مبروك يا ايلينا ربنا يتمملك على خير 
نظر يوسف الى امه مضيقا عينيه من علامات الصدمة التى لازالت تكسوها ليداعبها 
ايه يا ست الكل مفيش مبروك 
رفعت سميرة يديها من على ثغرها وحاولت النطق ولكن دموعها المنسابة منعتها فاقترب يوسف ليقبل كفها قائلا 
ايه يا ست الكل نفرح نعيط نزعل نعيط 
ضمته اليها وصوتها يتهدج من دموع السعادة التي تحجزها خلف جفنها بصعوبة 
واخيرا يا يوسف هشوف عيالك 
واطلقته من بين ذراعيها لتنظر الى ايلينا وتضيف 
مبروك يا
ايلينا 
بدت ايلينا شاردة تماما فناداها يوسف لتنتفض وترد مباركة سميرة 
الله يبارك فيكى يا ماما 
التفتت سميرة الى زين وقالت 
عقبالك يا حبيبى 
نظر زين الى سمر فى سخرية والى والده فى لوم قبل ان يعود الى والدته قائلا في روتينية واضحة 
ان شاء الله يا ماما 
اما يوسف فنظر الى ايلينا يسألها فى قلق 
ايه مالك يا ايلينا وشك متغير ليه 
مسحت وجهها بيديها وهي تقول 
اصل كلمت صوفيا عشان ابلغها وافرحها بس وصمتت وهى تخفض رأسها فانطلق لسان زين دون تفكير كأنه تحدث بصوت قلبه وبلغته 
مالها صوفيا يا ايلينا 
الټفت له الجميع فى دهشة وخاصة سمر التى احمر وجهها بشدة وهى ترمقه فى غيظ اما ايلينا فلم تدهش لرد فعله فهى متأكدة من انه لازال يحمل فى قلبه لصوفيا كل الحب تنهدت فى حزن وهي تبسط كفيها أمامها 
هيا كويسة بس والدتها توفت 
تمتم الجميع فى حزن 
لاحول ولا قوة الا بالله 
التفتت ايلينا الى يوسف وهى تمسك بكفه راجية 
انا لازم اسافرلها يا يوسف دى خالتى برضه ولازم اطمن على صوفيا 
ردت سميرة بسرعة قبل أن يجيب يوسف 
انتى بتقولى ايه بس يا بنتى سفر ايه وانتى لسة فى بداية الحمل 
هز يوسف رأسه مؤكدا لكلام امه 
سفر ايه مش هتستحملى 
نظرت لهما فى تعب وأخبرتهما في لهجة حاسمة 
انا هاخد بالى متخافوش مينفعش اسيب صوفيا لوحدها فى ظرف زى ده 
تنحنح زين فى هذه اللحظة واستئذن فى الانصراف بينما عينا سمر تراقبه فى حنق نهض محمود ليتبعه بينما ظلت سميرة ويوسف يحاولان اقناع ايلينا بالعدول عن فكرة السفر حتى
 

37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 75 صفحات